التصنيف الطبقي بين الأبيتوس والرأسمال: قراءة في سوسيولوجية بيار بورديو
Abstract
لقد أسهمت الأعمال السوسيولوجية لبيار بورديو Pierre Bourdieu في إغناء هذا الحقل المعرفي، وإعطائه ولادةً جديدةً شقّت طريقها نحو التحرّر من أطر النظريات الكلاسيكيّة ومناهجها، إلاَّ أنَّ الدارس لفكر بورديو تواجهه معاناة التقاطعات المعقدّة التي تميّز مختلف إسهاماتها السوسيولوجيّة مع السياسة، والإبستيمولوجية، والإثنوغرافيا...، إضافةً للغة التي يكتب بها نصوصه، وأسلوب معالجة أفكاره، ما يجعل أعماله عصيّة على القراءة والاستيعاب.
وقد ارتكز بورديو في عرض إنتاجه الفكري على تقديم منظور إبستيمولوجي لمعالجة الإشكالية القائمة بين ثنائية الموضوعي والذاتي ضمن مساعيه الرامية إلى الإدراك الأفضل للعالم الاجتماعي، واستطاع بذلك ابتكار جهازه المفاهيمي اللافت الذي ساعده في تطويع تخصصه لمعرفة واقعه الاجتماعي وتحليليه، وتفسيره، فأدخل إلى الحقل السوسيولوجي مفاهيم عديدة، مثل: الرموز، والفضاءات، والحقول، والرأسمال الثقافي، ويبقى مفهوم الأبيتوس من أكثر مفاهيم بورديو تعقيدًا وغموضًا.
وبالرغم من اعتقاد بورديو بوجود تمايزات طبقية في جميع الحقول، غير أنّه يختلف تمامًا مع التصورات الماركسية لمفهوم الطبقة، إذ لم يتوقف عن نقده لها فحسب، بل حاول رفع الستار عن عوائقها، بالبحث عن إجابات سوسيولوجية جديدة لهذه التصنيفات.
ولا يمكن في هذه الورقات البحثية المتعددة استحضار كل ما أنتجه هذا المفكر من مفاهيم، إلاَّ أننا سنحاول الاقتراب من مفهوم الطبقات الاجتماعية بشكل عام، ومعايير تصنيفاتها لدى بعض السوسيولوجيين، قبل الولوج في تصور بورديو لها، والذي يفرض علينا الإلمام بمفهومي الأبيتوس Habitus والرأسمال الثقافي Capital Culturel، المشكّلان لنواة نظريته، ومن هنا نطرح مجموعة من التساؤلات: ما هو مفهوم الأبيتوس؟ وماذا يعني مفهوم الرأسمال؟ ما مدى ارتباط هذين المفهومين بالتصنيف الطبقي بين الفاعلين الاجتماعيين؟ وكيف يتداخل المفهومان في خلق حركية ودينامية داخل الحقول المغلقة؟ وهل يساهمان في إعادة إنتاج الشرعية والحظوظ والتعسفات نفسها؟
References
-قورفيتش جورج، دراسات في الطبقات الاجتماعية، تر: رضا أحمد، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة، 1972، ص ص5-10.
-بدوي أحمد السيد، علم الاجتماع الاقتصادي، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية (القاهرة)، 1985، ص204.
-المرجع نفسه، ص205.
-غدنز أنتوني، علم الاجتماع، تر: الصباغ فايز، مركز دراسات الوحدة العربية، ط4، بيروت، 2005، ص35.
- Snyders Georges, Ecole : classe et lutte des classes, édition P.U .F, Paris, 1976, p335.
- Ibid, p337.
-صبور محمد، المعرفة والسلطة في المجتمع العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1995، ص35.
- Béraud.C et Coulmont. B, Les courants contemporains de la sociologie, Presses universitaires de France, 1e éd, Paris, 2008, p92.
- Dictionnaire de la langue française, le petit Larousse, édition Larousse-Bordas, Paris, 1998, p253.
-بورديو بيار وج.د فاكونت، أسئلة علم الاجتماع في علم الاجتماع الإنعكاسي، تر: الكور عبد الجليل، دار توبقال للنشر، ط1، المغرب، 1997، ص14.
- Crahay Marcel, L’école peut- elle etre juste et efficace ?, édition Boeck université, Belgique, 2000, p85.
-خواجة عبد العزيز، مبادئ في التنشئة الاجتماعية، دار الغرب، وهران (الجزائر)، 2005، ص90.
- Barrère Anne et Sembel Nicolas, Sociologie de l’éducation, édition Nathan, Paris, 1998, p17.
- Accardo Alain et Corcuff Philipe, La sociologie de Pierre Bourdieu, édition Le Mascaret, 1986, p56.
-Ansar Pierre, Les sociologies contemporaines, édition du Seuil, Paris,1990, p42.
-كابان فيليب ودورتيه فرنسوا، مرجع سابق، ص221.
- Béraud.C et Coulmont. B, Op.cit, p94.
- Accardo Alain et Corcuff Philipe, Op.cit, p60.
-خواجة عبد العزيز، مرجع سابق، ص93.
-الحوراني محمد عبد الكريم، النظرية المعاصرة في علم الاجتماع، دار مجدلاوي، ط1، عمان (الأردن)، 2008، ص85.
- Bourdieu Pierre, La distinction: critique sociale du jugement, Op.cit, p690.
-تريمش ماهر، بيار بورديو: فضاء اللعبة، الحقل، المشهد، السلع الرمزية، تراكم الامتياز، مرجع سابق، ص ص29-30.
-بيار بورديو، الرأسمال الرمزي والطبقات الاجتماعية، الفكر العربي المعاصر، عدد41، 1986، ص49.
-ماهر تريمش، بيار بورديو: نظرية اللعبة، عنف السلطة، سوسيولوجية التشيئ والمشيأة، كتابات معاصرة، مجلد9، عدد35، أكتوبر-نوفمبر 1998، ص ص63-64.
- Bourdieu Pierre, La distinction: critique sociale du jugement, Op.cit, p686.
-عبد العظيم حسني إبراهيم، الجسد والطبقة ورأس المال الثقافي: قراءة في سوسيولوجيا بيير بورديو، مجلة إضافات، العدد15، الجمعية العربية لعلم الاجتماع ومركز دراسات الوحدة العربية، صيف 2011، ص89.

